رؤى

هل ما زالت عملات الملاذ الآمن موجودة؟

حسب Paul Reid

31 يناير 2023

صرح رئيس البنك الوطني السويسري توماس جوردان لوسائل الإعلام نهاية العام الماضي، بأن الفرنك السويسري والدولار الأمريكي قد يتم اعتبارهما ملاذًا آمنًا. بشكل مثير للصدمة، لم يتطرق إلى الين الياباني. برأيك، هل ينطوي تصريح توماس جوردان على مغزى أم أن الأمر لا يخرج عن كونه حملة دعائية وسياسة تتبعها البنوك الكبرى؟ هل هناك أي عملات ملاذ آمن يمكن اللجوء إليها في عام 2023 عندما يبدأ الانكماش؟

دولار أمريكي

يكافح زوج USDCHF فوق مستوى المقاومة الفورية عند 0.9200 في بداية الجلسة الآسيوية. نظرًا لتزايد مخاوف المستثمرين قبل موعد صدور مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي في الولايات المتحدة (PCE)، يحاول الفرنك السويسري بناء قاعدة حول 0.9200 من أجل تحقيق انتعاش مستقر. في حالة نجاح الزوج في اختراق تلك القاعدة، فيعتقد البعض أن الدولار قد يتراجع سريعًا، إلى حين قيام الاحتياطي الفيدرالي بتطبيق حزمة الإنقاذ عبر تنفيذ آليات الأدوات التضخمية المعتادة. 

يبدو أن المشاركين في السوق الأمريكية قد قللوا من شهيتهم تجاه المخاطرة، ويدلل على ذلك، الخسائر التي سجلها مؤشر ستاندرد آند بورز500 خلال الجلسة الآسيوية، الأمر الذي يؤكد ادعاء الكثيرين بأن سوق الأسهم الأمريكية مُشَبع بعمليات الشراء.

يحتمل أن يرتد مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) مرة أخرى عقب تراجعه لمستويات 101.40، لكن أي تحركات صعودية قد تكون مؤقتة.

ومن المقرر أن يشمل إعلان باول القادم عن السياسة النقدية الأسبوع المقبل التقارير المالية الأمريكية، الأمر الذي يدعم المزاعم بأن مؤشر الدولار الأمريكي من المتوقع أن يظل قوياً. لكن تلك التوقعات ليست مدعومة بأي أدلة يمكن التعويل عليها، كما كان الحال بالنسبة للعديد من الإعلانات المتشددة خلال الأشهر القليلة الماضية.

بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن مؤشر الدولار جاهز للاختراق والهبوط دون مستويات 101.30، ولكن لم يتم تحديد إطار زمني لتلك التوقعات. قد يتم إلقاء الضوء على تلك التوقعات بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأسبوع المقبل. بدون دليل يدعم حركة السعر المتفائلة، من غير المتوقع أن يتجاوز مؤشر الدولار نطاق 101.30- 102.00 حتى الآن.

ين ياباني JPY

فلماذا تخلى السويسريون عن الين؟ هل هناك مشكلة ما تختمر في أرض الشمس المشرقة، أم أن معنويات اليابان مرتفعة لدرجة أن البنوك الأمريكية والسويسرية تخشى تحول المستثمرين إلى الشرق عندما يبدأ الانكماش الاقتصادي؟

تتمتع اليابان باقتصاد كبير والأهم من ذلك كله أنه اقتصاد "مستقر" بالإضافة إلى معدل تضخم منخفض نسبيًا.

أضف إلى ذلك، أن الحكومة اليابانية تمتلك قدرًا كبيرًا من احتياطيات العملات الأجنبية والتي يمكن استخدامها لتحقيق الاستقرار في العملة خلال أوقات اضطراب السوق. أيضًا، تتمتع اليابان بمعدل ادخار مرتفع ما يعني تزايد فرص تدفق كمية كبيرة من رأس المال إلى اليابان خاصة خلال أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي، مما يساعد مرة أخرى على دعم الين الياباني. 

ومن بين جملة أمور أخرى يجب ألا ننسى أن اليابان دولة دائنة ولها ثقل كبير، مما يعني أن لديها أصولًا محتفظ بها في الخارج أكثر من التزاماتها الأجنبية.  قائمة رائعة من المزايا لا يتمتع بها الدولار الأمريكي.

لطالما استُخدم الين الياباني كعملة ملاذ آمن أمام الدولار لتنويع محافظ الاستثمار وللحد من المخاطر. تتمتع اليابان بتاريخ طويل من معدلات التضخم المنخفض، وفائض كبير في الحساب الجاري المستمر وهي جهة دائنة خارجية كما أن أسواقها المالية وأوضاعها السياسية تتمتع باستقرار نسبي.

CHF

أما بالنسبة للفرنك السويسري، سوف يركز المتداولون على بيانات مبيعات التجزئة الفعلية القادمة. وبحسب توافق الآراء، من المتوقع أن تصدر البيانات الاقتصادية عند 2.6٪، مقارنة بانكماش بنسبة 1.3٪ في الفترة السابقة. قد تتحقق توقعات التضخم العالمية بسبب الطلب المتفائل على التجزئة.

يتم تداول الفرنك السويسري أمام الدولار الأمريكي عند مستويات عالية منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وشهد ردود فعل صعودية على الركود العالمي عام 2008. أصبح الفرنك السويسري الآن أعلى من ذلك بكثير، حيث يحوم حول مستوى التكافؤ أمام اليورو.

يعتقد مسؤولو الحكومة السويسرية أن هناك تشويشًا إحصائيًا؛ مؤكدين على أن معظم أنشطتهم الدولية تتم خارج سويسرا. ونتيجة لذلك، ارتفع فائض الحساب الجاري والتجاري.

علاوة على ذلك، يعتبر رصيد الحساب الجاري لسويسرا كبيرًا مقارنة بناتجها المحلي الإجمالي لكن قيمته المطلقة صغيرة نسبيا مقارنة ببلدان أخرى لديها فائض كبير مثل اليابان وحتى الصين. 

لا بد أن نلاحظ أنه بسبب صغر حجم الاقتصاد السويسري وانفتاحه، فإن تقلبات أسعار الصرف لها تأثير أكبر على معدلات التضخم المحلي، لذا فإن التدخل في العملات الأجنبية أمر لا مفر منه للحفاظ على استقرار معدلات الأسعار.

يعتقد بعض المحللين المستقلين أن قيمة الفرنك السويسري مبالغ فيها بشكل مفرط، على الرغم من أن البنك المركزي يقول إنه احتوى الضغط الصعودي عبر سياسة شراء العملات الأجنبية. أيضًا يدعي البنك المركزي السويسري أن التدخل في العملات الأجنبية لم يعد ضروريًا لأن الفرنك السويسري لم يعد هو الآخر مبالغ في قيمته مقابل اليورو. بالطبع، أحدهم على خطأ، والوقت وحده هو الذي سيخبرنا من هو.

في السابق، استطاعت سويسرا أن تحافظ على سياسة معدل الفائدة السلبية عند 0.75٪ لمنع العملة من الصعود. لكن قد تكون تلك السياسة بمثابة إنذار مبكر للمتداولين في عام 2023.

ختامًا

يتطلب وصف الدولار كملاذ آمن أن نطلق العنان لخيالنا، وهو الأمر الذي سيتم اختباره بشدة طوال عام 2023. التضخم في سويسرا أقل مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى، وبالتالي فإن سعر الصرف الفعلي الحقيقي ليس مرتفعًا للغاية، لكن سعر الصرف الفعلي والاسمي أقوى، والذي يشمل عملات شركائها التجاريين الرئيسيين. كل الطرق تؤدي إلى الين الياباني. 

على الأرجح، سوف يحافظ بنك اليابان على معدل سياسته السلبية وسياسة التحكم في منحنى العائد طوال عام 2023. وهذا يعني أن الين قد يرتفع بشكل كبير أمام الدولار ومن المحتمل أن يصل إلى 129.00 بحلول الربع الرابع من العام.

عندما يتعلق الأمر بتداول الين الياباني، قد لا تكون وسائل الإعلام المالية المرموقة مصدر إلهام في الوقت الحالي... خاصة تلك المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي. إذا كنت تخطط لتداول العملات الأجنبية خلال عام 2023، فتحقق من أزواج الين الياباني  في كل مرة ترى فيها هبوطًا كبيرًا في العملة وابدأ في تدوين الملاحظات.


هذه ليست نصيحة استثمارية. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية. رأس مالك في خطر؛ يُرجى التداول بمسؤولية.


الكاتب

Paul Reid
Paul Reid

Paul Reid صحفي متخصص في القطاع المالي يكرس خبراته العملية في البحث عن الأسرار الخفية التي يمكن أن تمنح المتداولين مزايا فريدة. يركز Paul بشكل أساسي على سوق الأوراق المالية، لتحديد التحولات الرئيسية في الشركة معتمدًا على خبراته الكبيرة في أسواق المال والتي تمتد لأكثر من عقد من الزمن.

مقالات ذات صلة


الرجوع إلى جميع المقالات